الخميس، 16 ديسمبر 2010

لتتمة الحديث .... لجنة زينب




ارتعدت فرائصي يومها ..أمسكت بطرف عبائة أمي وحمدت ربي أنها بقربي كطفلة كنت أتشبث طلبا في جرعة حليب تؤمن روعها .
صوت يرن في أذني ألف مرة كل يوم إن كنت لازلت أحسن العد ...كان المحاضر يومها صوت مألوف لدي محال أن أخطِأه لكنه اصطبغ يومها بصبغ صََعب علي تميزه
لقد كان صوت أبي وهو يلقي إحدى المحاضرات في ليالي رمضان اثر استدعائه ليلقيها في أحد جوامع ولاية بهلا
كان يتحدث عن الجنان والنار والموت والحياة ..والكثير من هذا وذاك  والمسجد صامت صاخ وكأن على رأسه الطير حتى الأطفال لم يصدروا أي حفيف ..لا فرقعة .لا حركة ..لا حنفشة حتى أكاد أسمع أنفاسهم صاعدة وهابطه لخلو المكان سوى من صوت أبي الغالي
ذلك الشعور تكرر اليوم بكل سوداويته
في سؤال أختي الصغيره
أبحر في مسمى الشرود ..أكثرمن شرودي في حدود صفحة من عدة سنيمترات لدان براون  
في قولها المصطبغ بالبراءة ولغتها العفوية البعيدة عن التكلف  (أريد أروح الجنة )؟؟؟؟؟؟ وتضع بعده آلاف العلامات تدلل على حبكة ذلك السؤال وحنكته
لازلت أستحضر المشهد السماعي الذي ما انكفأ يطن في أذني معارضا وبشدة فكرة الرحيل
(بــــــــــــاه) تصيح أختي ...يرد أبي على غير عادته مطلا برأسه حيث كان منكبا على حاسوبه وسط غمرة أعماله
(ناعــــــام )يحاكي فيها تتأتأ أختي في الحديث وإطالتها للحروف
(أريد أروح الجنة )؟؟؟؟؟
الجنة ...الجنة ...آآه الجنة !!!!!! أخيرا استوعب أبي ما ترمي إليه أختي  
راسما بجوابه أكبرقدر من تلك العلامات على وجه اختي الصغير فتزيده قبل أن يخرس تساؤلها (وين الجنه ؟؟؟  كيف الجنة ؟؟مو يعني الجنه ؟؟؟متى نرووح الجنة ؟؟؟؟؟
فيعدل من التكائته فيصر كرسيه ..فهمت حينها أن ابي اتخذ موقف الجدية ليجيبها (زينب ليتك تعرفين الجنة لكنت سألت أكثر يا صغيرتي )لم يكن أبي يملك سوى القليل وهو يصفها لها (مكان حلو ..جميل لم تره عيناك قط  وينهي حديثه بترديد أسئلتها ) و(آه ) ضمنها كل حنوه لتك الحروف من سؤال أختي
أغلق ما كنت أقرأ وأمعن في سؤاله وقد زاد صعوبة على سؤالها لم يكن بمقدور أختي أساسا أن تفهم لو زادها أكثر من حلو وجميل لكنه في تلك( الآه) التي طفقت أحل أحجيتها البسيطة  كانت تعني أنها تحتاج إلى عمل دءوب  
وبنفس تواقة لذلك المكان _الحلو الجميل _أردد عبارة والدي (الجنة ...الجنة ...آه الجنة يا زينب ليتك تدركين معنى الجنة ؟؟؟
من عادتي أن يتجعد جبيني غضبا لمقاطعة أحدهم لي وأنا في خضم التشويق مع حدود تلك الصفحات لكن يومها ...تمنيت لو يطول صوتهما ..تأملاتهما ليسحباني معهما _أبي وزينب الصغيرة _
اللهم اجمعنا عندك في الجنان حيث جمعتنا اليوم في الدنيا وحقق لأختي سؤالها (أريد أروح الجنة ؟)  
اللهم إني أسألك  أن تروي عطش أختي من ذلك السؤال  بإسكانها الجنان وأن تجمعنا معها مع خير الأنام

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق