الجمعة، 7 ديسمبر 2012

قصة قصيرة : أصفاد صدئة




 
يُساق الى اللامصير؛يمشيء ببط كالتفاصيل كل شيء حوله يصلي صلاته الأخيرة هكذا خُيل له،هو الذي لايُعرف في هذا المكان إلا ببضع أرقام هزيلة لكنه في خارج جُغرافيته رقم يثقل كاهل التاريخ؛كُل صورة سوداء التقطت له هُنا تعلن عَليهِ الحداد!؛وبالرغم من كل شيء يشعر بأنه فاتح منتصر!

***

لأول مرة تفارقه سلاسله لم يكن ينتظر فراقا كهذا منذ يومه الأول هو ليس ككل المسجونين ،تتكاثف أمامه وجوه يَعرفها ينحني إعجابا لذاكرته اذ لم يسجنها السجن ولم تخضع لقوانينه!؛مايذكره من اتهامه أنه كانَ نزيها في زمن لا يؤمن إلا بالرذيلة؛و أن نفسه  لم تسول له ارتكاب جريمة كالصمت !،تعاود تلك الصور التدافع عليه مرة أخرى ،الورقة ،الجلادين ،عيني اسماعيل ، و"إلا من أكره"؛يرفع بصرِه يبحث عن فراغ ليضيعها يصطدمُ بورقتين وقلم ،أمامه على الجانبِ الأيمن الورقة ذاتها التي يُساوِم بِها على روحه منذ 15 خريفا؛أليست مفارقة عجيبة أن تؤدِي ورقة دَورَ الخلاصِ والحبسِ معنا !؛زَجت بهِ في أتونِ هذا المكان فَلبث فِي السجنِ بضع سنين ؛ أرعد وأبرق وزمجر فور رؤيتها وأعادَ هذهِ الأسطوانة بعددِ الأيامِ التي قضاها فِي هذا المَكانْ ،تعود مضرجَةً بالدماء بعدّ كلِ نوبةِ تعذيب أو حتى سعالٍ يُختتم بِها المشهد؛وتتقن غَسلَ نفسِها في كل يوم، كل لعناته وأحكامه التي يطلقها عليها وعليهم تجبرها أن تنز حبراٌ يذكرها بقدرها الذي لا يشاطِرها فِيهِ غيرها، صَفراءُ،وحيدة ،لا يقربها العث والغبار ولاحَتى بَقيةُ الأوراق ،تصفُ بِعنايةٍ تزعِجها وتستغلُ بالطريقةِ ذاتها،تحفظُ من فضائحِ الحكومةِ مالاتَحفظهُ ورقةٌ أنجبها التاريخُ يوماً ؛كل هؤلاءِ المارِقينَ فِي غِيهم ،المتجمهرينَ حولها بكافةِ شاراتهم العسكرية التي فشلت أفخر أنواع الأقمشةِ على حِمايتها من داءِ الحديد ذاك! يعلقونَ عَليها مِنَ الآمالِ مالايعلقُ عَلى حاكِمهم نفسهِ،لمَ لا ؟وهي من تقرر إن استحقوا ترقية تليق ببطولاتِهم  ؟أم هم أسمال بالية تنهي ملف تلك البطولات رصاصة؟ كُل شيء جائز هنا لا يحمل الحرام تأشيرة دخول هنا منفيٌ هو ومغضوبٌ عَليهِ إلا ما رحم ربك!ثم إنه بمجرد ولوجكَ حقلاً سياسيا لتعملَ فِيهِ كَوسيلة لتحقيق إجرامه يشبه أن تتنزه فِي منطقة موبوئة بالألغام! 

***

يُمسكَ بالقلم ؛يدهش من يده اذ لم يفنها السجن بعد ؛يُقلبها يحاول أن يحصي كم مرة خُلعت فِيها أظافره ولا يتذكر ؛حتَى الألم قابل للنسيان ، يقلب بصره يصطدمُ بهم يسترجع آخر حديثٍ سَمعهم فيه

يَشدُ عَلى أذنه حتى تحمر : هذه فرصتكَ الأخيره أتسمع الأخيرة!!!

يصفق بالباب يَصرخ فيهم : صَبرتم عَلى هذه المهزلة 15 عاما حَمقى!

أطعمناه بأسوء أنواع الأطعمه وأسقيناه العلقم بدل الماء،ألبسناه وأسكناه مالا تطيقه الحيوانات ،كنا نعصر ملابسه دما بعد كل جلسة تعذيب وتلك قصة لا يسعني قصها ، خلعنا أظافره من مكانها ظفرا ظفرا وشعره شعرة شعره وجلده ولحمه وعظمه،حرقناه وكويناه وجلدناه ،كسرناه،حرمناه من نصف كبده ورئته وكليته ؛أصبح جسده مشاعا لكل مرض خبيث حتى ربه كان يعبده عندما نسمح له! ،تعبنا ولم يتعب !،مللنا ولم يمل! وأنت عندما تتحدث عن كل هذا فهذا مشهد يومي تكرر أعوما ،15 عاما ولم نبق له منطقة من جسده إلا ومارسنا شرائع التعذيب عليها !

كل شيء كل شيء كنتم قادرينَ عله إلا رأســــه! إلا ر أ ســـَ ه

***

يَتحسس رأسه وَيبتسم ينظر لفرصته الأخيرة أمامه فِي ورقتينِ وقلم  ؛يزفر بضيق يبحلق بِعينيه ويُعجبُ بِهما مازالتا قادرتينِ على رؤيةِ الأشياءِ الجميلة يَختزل الجمال فِي عيني اسماعيل يُحيهِما من بعيد تُسعفه ذاكرته وتعيده لأجمل المشاهد التي عاشّها معه وتقف مطولا حيث لقاءِ البارحة !

يُميزُ طَرق الباب اذ لا أحد علمته أمه أن يطرق الباب هنا إلا العم اسماعيل ، هذا الكهل الذي يمارس معه دور الأبوة و البنوة منذ لا يدري متى وإلى لا يدري متى؟

يتوجَسُ خيفة ولا يحيه لايبحث عن الأب في عينيهِ كعادته ، يلقي بنظره وكفهِ في الفراغ ؛فكل شيء فارغ حوله هو فقط مزدحم!،توضع صينية الطعام تملأ بعض الفراغِ أمامه ،يوضع المصحف الذي يسربهُ له العم اسماعيل مع كل وجبةِ طعام ويأخذه بإنتهائِها،يتفحصه يبحلقُ فيه يهز رأسهُ ويرفع الصينية ويستدير

يستوقفه:وها أنتَ ذا تخاطِرني أيضاً !إلا متى ستظل تمارس دور الأبِ معي؟؛خيراً فعلت لا طاقة لِي اليوم بطعامهم ؛ثم إنهم لا يطعمونني إلا  اذا  اشتهوا ذلك!

يُسعد بهذا البوح:لا تخبرني عن السجنِ يا بني كأن لم تعرفهُ يوما ؛ لا يكَفي أن تحيا أضعاف ما عِشته هنا لتنسى سادِيتهم  لا تسمح لهم أن ينهوكَ كما اشتهوا أيضاً! ؛!،ثم ماهذا الوطن حتى تذبلَ هكذا فِي سُجونهِ ؟!

سَماء أسَرت لي ذاتَ يوم أنني ابنها الذي تحب!

يستفزه هذا الجواب ؛يقيمه على قدميه يهزهُ بعنف يمسكُ بقميصه يمزِقه ليكشف عن جّسدٍ مشوه يَسكنُ فيه: وَهذا ؟؟! ماذا عن هذا

يبتسم ؛ينظر في عينيه يتشبثُ بالأبِ فيه يمسك بيدهِ يرفعها حيث قلبه يعتذر بعينيه عن خشونة جلده : هذا هذا لاشيء _ كله_ ماداموا لم يستطيعوا تشويهَ روحي !

اطلق سراحك منهم يا بني أطلقها قبل أن يطالوا روحك!

لم أكن يوما سجينا ! ألم أخبرك بهذا ؟منذ يومي الأول وأنا حر!

لا يجيبه ينظر حيث السلسة التي ذرعها ذراعينِ في قدميه 

هذه!؛ليست أكثر من أصفادِ صدئة

لِمَ كُل هذا الإنحياز؟؟ وهذا الوطن بكم يدين لك ؟!

لا يرفع عينيه عنه ولا يجيبه ينهمك بإغلاق أزرار قميصه

يربت على كتفه ، يُغالب دموعه ،يحمل الصينية ويستدير بهدوء ،الفراغ حوله مرة أخرى في لحظة ينتبه للمصحف يستدير :عم سلميان نست الـــ....،ويكون قد غادر ؛لا يمكن هذه المرة لن يكتفوا بتكسير عظامك سيشنقوكَ بعدي ؛يعود لمكانه يتساؤل فِي ذاته لِمَ لم يطردوه في كل مرة يداهمون هذا التآمر عليهم ربما اقتنعوا أن مهمة اعطاء الطعام مهمة  إنسانية لن يطيقوها ولا تليق بهم ! يفتح مؤشر المصحف يملأَ نفسهُ بكل آيةويتوقف عند "إلا من أكره وقلبه مطمئن بالايمان"  لثواني ،دقائق، ساعات

وَيصرخ

لِم كل هذا!!!  كنت قد حسمت قراري لِم يا عم اسماعيل جئتَ لتعذبني بها !!

****

ينتبه لدمعةٍ وقعت عَلى جرحِ يدهِ فآلمته يَتحسس زِحامه ويَتذكر أين هو  ؛يَشعر بعينهِ تُحاصِرانه ينظر إليهما مطولا فتعاتبانه : أخائف من الموتِ أنتَ يا عِصام ؛ها أنتَ ذا وقعتَ في المصير الذي أوكته يداكَ ونفخهُ فمك فما أنتَ فاعل؟!

يُجيبه بالطريقة ذاتها : وَقعت ولست نادما عَلى ذلك ،وعن انحيازي يا عم "متهم أنا بالانحياز ولا أنكر ذلك الانحياز لمن هم تحت!”؛ واما وطني فلا يدين لي بشيء هُو فِي حل و "إني لأعجب كيف لوطن أن يدين لشخص بشيء ما في الوقت الذي يدين الشخص بوجوده لذلك الوطن"

 ينظر للجانبِ الأيمن إنها الصفراء ذاتها  أوهكذا تشيخ الأوراق ياهذه؛ في السجون !

****

يتجرع الدقائق يملأ رئتيهِ، يصطدم بعينيه :سأريحك بطريقة أو باخرى من ابن لا يجيد سوى قصص السجون  ، يشد على  القلم ينظر للجانب الأيسر

يوقع : عِصام

انتهت 

الأربعاء، 24 أكتوبر 2012

قوالب طينية





قَوالب طينية ،
وقالت نِسوة : الأربعااااء وَأخيراُ 
كنت أدفن نفسِي فِي مقعد من مقاعداستراحة التربية فِي اللحظةِ التي سمعتها أو تَوهمتها_الأربعاء وأخيرا_  قطعاالأربعاءهِي تلكَ التي تحضى بحب  لدَى الطلاب والموظفين عَلى حدٍ سواء والحب هُنا يَحمل تفسيرا يجد تأشيرة دخولٍ لساحَةِ المنطق ؛ كانت عِبارتهن صادقة كالطين انعكاسا لشعور فِينا يدعونا لنتنفسَ هذا اليوم بطريقتنا الخاصة خاصة بَعد مسيرة الإمتاحنات ومهرجاناتها التي دِعي إليها جَميع الطلبة بلا استثناء والتي لا يعلم متى تنتهِي إلى الله  ! ،كنت أحسب أنها_الأربعاء!!_تعنِي لطلابِ المدارس الكثير لككني اكتشفت مُؤخرا أنها للجامِعينَ أبلغ من ذلكَ !!، مَساء متخم بالكثير وأنا أندف عَن رأسي دَقاتِ الذاكرة التِي تعاود النبض كل حين فِي الوقت الذي يتربع فِيه جدول امتحاناتِي عَلى الجزء الأعلى من دفتري الجامعِي ،ألقيت عَليه نظرة يآآآآه وجِئت عَلى عَجل يــــا  هذا!  !أما أمكنك أن تتريث قليلا حتى أرتب الأمور التي تزدحم فِي بالرغم مِني أن تتريث حَتى أستردَ أوقاتِي المحشوة بالإنتظار_فِي الإستراحات والحافلات_ حَتى أستشعر الورطة التِي حَشرتنِي فيها قسرا ،حَتى أستفيق من حالة اللاشُعورِ التي أعيشها ولا أدرك كنهها فماذا يَعنِي أن أفقد فجأة ذلكَ الإحساس بخوف الإمتحان وقلقه أو حَتى الشعورَ بضرورة التحضير له ؟؟؟!!،وَكأنني فَقدت عَواطِفي القديمة مرة واحد وبطريقة أو بأخرى أجدِني أفتقد ذلكَ النوعَ مِن الإحساس الذي ينتابنا حَالما ننجز شيئا ونزيحه عَن كاهِلنا و.....نتنفس تَسألنني شَقيقتي قبلَ يومين "هل تُحبينَ الظغوط؟؟" احتجت هكذا سؤال وجائني قبلَ أن أطلبه  !!! أظنني سأفعل سأحبها مِنَ الآن  ، أجدها ذلكَ النوع من الأمور الغريبة التي تتيحَ لكَ اكتشافَ ذاتك وَكيف هِي ؟؟تٌوقظ فِيك قدرات خفية وجَبارة تنكرها أنت عَلى نفسك وتسافر بكَ بعيدا إلى ما وَراء أفق الزمن !! ؛ فِي هذا الوقت ليسَ أبرع مني وأنا ألوك الصمت وأنظر للأشياءِ بعين باردة أحاول أن أعلن سلاما داخليا معَ ذاتي وأشكل من كل شيء حَولي نسخة مطابقة مِني كذاتي كَتوئمين سِيامين عَلني أبصرني جَيدا!! . 





الأحد، 9 سبتمبر 2012

"أنلزمكموها وأنتم لها كارهون"!!


أنلزمكموها وأنتم لها كارهون
 

منذٌ ارهاصاتي الأولى وأنا لم أسمح لنفسي على أن تتعرف على شعور غيره_الأمل!!!_حاولةُ جاهدةً أن لا أتنفسهُ وأن أحبسهٌ في رئتي ما استطعت الى ذلكَ سبيلا كنتٌ أخشى عليه من زفِير يذهب به ومن كُل رفةِ عين واغماضة جفن قد تسرقهُ خلسة/عمداً مِني ! !

أدركٌ حتما أن كل شيء يستحقُ أن نتعب لأجله لـــنعيشَ فِي فردوسهِ وبعدد الجراماتِ ذاتها

زجاجةُ الماءِ الرابعة التي ابتعتها اليوم وأنا أتكيئُ على لوح التعب الذي أوشك على اغتيالِي بلا هوادة لولا أن تداركتُ نفسي ؛ ولا أدري لم شعرتٌ لحظتها وأنا أقف فِي طابور المحاسبة أن أمالِي "هُنا" جفت كما يجفُ الماءٌ هناك_فِي دمي_؛ رفعت رأسِي هنيهة للسقف أفتش فِيه عن مأوى من هاجس يخنقني تأملته مليا ثم تنبهت أنه لا شيئ حريُ بالتأملِ أَكثر من جَدولي الدراسي الذيِ استلمتهٌ البارحةو أن هذا التأمل هو الحيلةُ الأقوى لدقائق الإنتظار هذه

"كم هو قبيحٌ جدولِي لا مساحة أنيقة فيه!”

تعبت من ترديد هذا الهذيان لكنني مع ذلك مازلت أمارسه بكلِ تفاصيلهِ الكامله! ليس بسبب وَرقةٍ ألزمت بها ولم أشأ اختيارها يوماً بملأ ارادتي وحسب!!! الأمر يتعدى هذا بأَشواط القضية أشدُ تعقيدا ولن يفهمها "سِــــواي"وتحتاج لتفكير عميق فِي مقتضياتِ القادم بإذن المولى،هذه الورقة نعم هذه!قلبتَ كل الموازِين لدي ومازالت تظل عّن السراطِ المستقيم هداها الله! ؛ثم إنهُ ما ذنبي إن كان المري عندي أضيق من ابتلاع ورقةٍ رتبها الحاسوب بعناية !وهضمها

أفقت من كُلِ هذا على صوتِ مغنطةِ الجهازِ أمامي؛ولجتُ خارجَا متجنبةً الزحام وبأقل التكاليف صعدت السلالم ومشوارُ البحثِ عن مقرِ نظمِ المعلوماتِ في بدايته؛مازالَ الجدولُ فِي يدي اليمنى وكتابنَ لتوفيق الحكيم فِي يدي اليسرى قلبتُ الثلاثة سريعا ولكن لم أستطع أن أبرأ من هذين السَطرينِ وهما يجوسانِ فِيَ سَريعاً!

أ _"أحلامٌ كبرى صرنا نتمنى أن لا تتحقق ،لأنَ تيارَ حياتنا لم يَعد آمناٌ للسباحَة

وَأحلامٌ صُغرى لم تعد ذاتَ قيمة لأنَ تحقيقها صارَ يُشبهُ احتفالا صغيرا فِي مَدينة منكوبه"*_ا

بعد مشوارٍ لا بأس به اوصلتٌ فيه زميلتانِ التقيتهما في المحاضرة الأخيرة لبغيتهما فِي نظم المعلومات وكنت سعيدة بوصولنا سالمين كسعادةِ من ينجزُ مهمة!

جميل ان يَجعلنا الانجاز نبتسم أحيانا هو الذي يقتلنا انهاكا

وأنا أدب عّلى سطح هذه المباني توقفت مطولا فِي طريق العودة لا لشيء فقط لــــأبتسم وليس انجازاً آخر أضفته ليومي كان السبب بل "هِــــيَ" ا

للمرة الثانِيةوفِي البقعةِ ذاتها ؛حَقيبتي تؤلم كَتفِي ؛والكتب وزجاجة الماءِ يتملصانِ من يدي وأنا أحاول جاهدة أن أفر إن لم يكن بيدين بيدٍ واحدٍ عَلى الأقل لـــأسلمَ عليهَا و"أبتسم"و"أبتسم"و"أبتسم"ا

تتبسترُ فِيها تلكَ النظرةُ الحالمة أملاُ وحٌـــبا وَشوقا وَطـــهرا تتمتم بلغتها حمدا للهِ عَلى الحال؛أحاولُ أن أطيل الحديث مّعها ؛أحيانا نشتهي الحديث نظنهٌ أرحم بنا من ذلكَ الصمت بالرغم من أن صمتها وحّديثها سِيان فلعينيها البلاغَةُ كُـــلها كادت تلكَ العينين أن تنطق أن تصرخ من العمق :متضرحاً “بالجرحِ”منتعلاً “أناي”،متشرقاً بالـــ”آهِ”مرتوياً بِــــها

فِي المرةِ السابقة نظرت إليَ مطولاً وهي تردد "شُكـــــرا" ثانية وثالثة قبل أن تسعفها لغتها عَلى انهاءِ الأولى

ثم لــــمَ الشٌكــــر وليسَ أي شُكر ذلكً النوع من الإمتنانِ الذي لا تجدهٌ الا نادرا وربما لَـــن تصادفهٌ يوما ذلكَ الـــذي تحكِيهِ "الـــروحُ" قـــبل "الجسد"ا

كنت سأدفعٌ أليها برقمِ هاتفِي لأصادِقها لو كانت تفقه لمَ لا كم هِي مصادقةٌ "عُمالِ النظافةِ" يسيره لا تحتم عليكَ برستيجاٌ معينا ولا حتى أدنى مستوى ثقافِي ليسَ أكثر من "ابتسامةٍ"و"مصافحةٍ"أنيقة،

. كُونِــي صَديقتي ليسَ فِي الأمرِ انتقاصٌ للأنوثة*بتصرف !!!ا


سَعيدةٌ أنا لأنني التقيتٌك مجدداُ وَسعيدةٌ كَفي حَتى بملمسِ يديكِ الخشن _”فعلٌ ما قد لا يقودنا إلى السعادة ،ولكن لا سَعادةَ بدونِ فعلٍ ما"*_،ثم إنهما_كفيكِ_اجترا لِي من الذكرياتِ ما يكفي أذكرٌ مما أذكر أن عاملةَ منزلنا تشعرنِي بضآلتِي فِي كثيرِ من الأحيان وأنني لا أملكُ من خلقِ الأمانةِ الا أضعفَ الإيمان إن لم يكن لاشيء،عاملةُ منزلنا التي قالت لي يوما وأنا أعاتبها على تأخيرِ وقتِ نومها وأن هناكَ من الأعمال مالايضر تأجيله أنها لن تستطيعَ النوم ولو حاولت وأن قلبها يتسارع ضيقاً إن لم تكملها هِي نفسها التي أدهشتني احدى افعالها فِي ليالي رمضانَ المباركة اذ مررت من أمامِ غرفتها لحاجةٍ ما فِي الغرفةِ التي تليها واذ بي أسمع منبه الساعة يرن كانت الـــ2 ليلاً مع العلم أنها كانت قد واصلت النهوض منذ فجر البارحة وسألتها عن سرٍ هذا النهوضٍ فأجابتني أنها تخشى أن نستيقظ فِي الثالثةِ والنصف ولا نجدُ السحورَ جاهزا وليتها اكتفت بهذا ؛فِي الأيام الأخيرة لرمضان كانت تواصل النهوض ولا تغمض جفنا خشية أن يأخذها النوم وتتأخر على حد قولها فِي تجهيز كوبِ من الحليب وبضع لقيماتٍ يقمن صلبنا

وباءت جَميع محاولاتنا بالفشل ومحاولاتُ الجميع بشتى الطرق حتى التهديد لم يفلح معها

هناكَ أدركت أن لهذه الإنسانة قوةً داخلية تحركها أكبر من قوانا نحن جميعا لإيقافها

ماذا أقول أنا التي تتذمر من جدولِ مزحوم وبضعَ موادٍ دراسية لا تتمناها بالرغم من أنها لا تكلف نفسها أكثر من الذهاب الى قاعة المحاضرة ويأتيها كل شيء باردا بلا عناء ،ماذا أقول أنا اتلي لم تفكر يوما أن ذلك الجدول أمانه وماتدرسه أمانه وكل كتاب يحتم عليها دراسته أمانة ستسأل عنها يوما

أينَ أنا منكن

وأينَ معلمتي فِي الصف الثاني التي كانت تشرح لنا الدرس فِي دقائق وكانت فيه من الزاهدين وتنصرف ولا نراها الا في موعد الحصة القادمه التي لم نفقه ما قبلها لنفقهها ،أينَ منكما تلكما الطالبات اللواتي كنت أشعرُ بالبؤسِ وأنا أرقبهن يغششن الامتحانَ كاملاً بلا حَياء ويتفاخرن بعملهن البطولي وكيف أن الأستاذة لم تقنصهما بل أين أنا مرةً أخرى لأنصحهن وأعلم عنهن بهدفِ الاصلاحِ لا الفتنه والكثير الكثير مما لا تجزيهِ كلمات!

؛هو درسٌ عصيٌ على ذاكرتي أن تشيعهُ ليذهب؛فأنا مازلت أتنكب طرق الحياةِ الخاطئة!

اننا حقا نحيا لتتعلم

ونتعلم لـــنحيا!

الأحد، 5 أغسطس 2012

SQ150" رقمٌ فِــــي الذاكرة


ورقة في ذاكرة جامعية

"SQ150"
"رقمٌ فِــــي الذاكِرة "

لَم أشعر يوماً أن "الساعة الواحدة" ستشكلُ نقلةً كبيرة كهذهِ فِي حياتي  ولم أكن أضعُ فِي الحسبان أن 
بين الساعة وأختها فَواصلُ زمنيةٌ لا يَسعني حصرها ؛ فمنذُ أيام ونيف وهذا التاريخ بالتحديد (30-1-1012) يقتتاتُ صبرِي ببطء ؛والبارِحة تأتِي الــــ12 لتؤكدَ لِي الشعور ذّاته
أيعقل!!! ألا تتشابهُ الساعات أليست كل واحدةٍ منهن تلدُ ستينَ دقيقة وثانية ؟؟ ولمرَتينِ متتاليتين أؤمن أن بينهما نقيضُ ما بينَ المشرقينِ والمغربين و أنهما الواحدة والثانية عشر_ سمائان وأنــــــا ذلِكَ الطائرُ الذي لم يكن يدري وإلى وقتٍ قريب أينَ وجهتهُ منهما ؟!! _
ولأن الأمنَ الذي اجتاحني بعدهما يعد ترفاً مقارنةً بالخوفِ قبلهما كان لابُدَ من هذا البوحِ هنا !
البوح (أ):
وهَكذا قضى الله أمراً كانَ مفعولا وتَختزنُ ذاكِرتِي هذا الرمز
وَحيثُ أعدت لهُ متكأً ليضل فِي ضِيافتها إلى ما شاء الله !!    SQ150 
وكالأقدارِ التي لم نجشم أنَفسنا عناءَ البحثِ عنها يوما  تلكَ التي لم يُعجزها يوماً أن تجيبَ تساؤلاتنا  أجدنِي في حضرةِ "جامعةُ السلطان قابوس" وَتؤذنُ لِي "كُليةُ العلوم" لأصلي فِــــــيها صَلاةَ العلماء تلكَ الصلاةُ التي مازلتُ أستقرئها  نفسي كُل حين!!
البوح (ب):

أمِي : طِفلتُكِ الصغيرة تعلمتَ كيفَ تسبحُ فِي تيارِ الحياةِ بمفردها مراعيةً كُلَ تدابيرِ السلامةِ والأمان  ،لم تعد تُزعجكِ كُلَ صباحٍ لتضفري لها شَعرها قبلَ أن تفوتها حافلةُ المدرسة وتقضي اليوم في المنزلِ مع الملل كعقاب  ، لم تعد تعجُزكِ وهي ترسمُ بالألوانِ الشمعية التي تتملصُ من يديها هِي اليوم تتقنُ مسكها ، شَبتَ على الطوقِ بقدرِ ما أردتِ ، لم تعد تغضنُ لكِ وجهها كلما علمتها درسَ الهجاءِ والتشكيلِ والقراءة قَسراً ، تدركُ أن الفرقَ بينَ التاء والثاء أكبرُ من كونها شامةً زائدةَ على جبينِ الثاء وأن الذالَ والدال ليسا أخوين سقطَ أحدهما على الأرض فعلى رأسهُ كدمةَ  بقدِر ما هما حرفانِ فِي لغةٍ  تسكنها ، تعلمتَ  وأخيراً أن لا تُزعجكِ بالأسئلة بقدرِ ما تُزعجُ الكتب حتى تنتزعَ جواباً لأي شيءٍ يستفزها فِي هذهِ الحياة ، أن تدعوا دعاءَ النومِ قبلَ أن تغفوا وتأكل وتُسافر وتنتعلَ حِذائها !، والكثيرَ الكثيرَ يا أمي هَديتني إليهِ بدعواتِكَ يا جَميلة ، تحفظُ أن سورةَ الفاتحةِ سبعُ آياتٍ كما علمتها يوماً وأنها لا تسقطُ فشي أي ركعة !، تؤمن بما حفظته  أركانَ الاسلام وطلع البدرُ علينا وأن الكعبةُ قبلتها ومحمدٌ رسولها والإسلامُ دينها ، مَن يُهدهدُ غربةَ رئتي سِواكِ يا أُمي؟؟ ، من أتوسدهُ أحلامِي فيرعاها ولا يغتالها سِواكِ ؟؟! مَن يفرحُ بقدرِ ما أفرح غيركِ ؟؟
أنتِ امتدادٌ لمُنايَ وأنايَ مَــــعاً يا أجمل من عرفتُ مِنَ الــــ"مُنى"!
سَقاكِ الله بِقدرِ ما أسقيتني فِي هذه الحياةِ إيماناً وحباً وأملاً
سَقاكِ من الكوثرِ فلكم أعطشتُكِ أنا بِشقاوتي دهراً
أنتِ التي لا يسعني الحديثُ عنها لأن الحديثَ لا يَجزيك ويُجزِيكِ حـــــتى


والِدي :
كَبرتُ يا والدي وبقدرِ أمالكَ فِيَ أردتُ أن أكبر ، كَلماتُكَ ،نَصائحُك !جَبيني عندما تَضـــيعُ أفكارِي يا والدِي تلكَ  التي لازلتُ اتدثرُ بها مذ كنتُ طفلةً تتقن إغرائها بِكلِ مافيك ، أيـــــها الجَميل تَحضرني الآن أوراقُ الذاكِرة ورقةً ورقة وَسطراً سطراً حرفاً حرفا والكلماتُ هنا تفرُ وجلةً  أن يفتضح عوزها !!، يا أبتِ إني قد جائني من حُبكَ مالم يأتني من حبُ "رجل "على هذهِ الأرض فأنا التي تدبُ على سطحِها وجملةُ أحلامٍ فِي كفِها ترعاها وتسقيها بكلِ ما أوتيت من ماءِ الأملِ والعيش ، مازلتُ كلما قرأتُ سُورةَ البقرةِ تقفزُ فِيّ الذكرى بلا مِيعاد ،فأنا تلكَ الطفلة التي تنازلت لها ولِشقيقتها التي تكبرها وشقيقها الذي يصغرها من وقتكَ دوماً يومَ كنتَ تعود إلينا من "جامعةِ الزيتونةِ" فِي تونس ومن زَخمِ الحياةِ والدراسةِ والعمل تؤتينا نَصيبنا من وقتك ولم تكن تنسانا أبداً كفرضٍ سادس كنا فِي بابِ أولوياتك  ، عَلمتني كيفَ أتهجأُ "آلــــــمــــ" حَرفاً حرفاً كيفَ أفكُ رموزَ الرسمِ العثمانِي فِي المصحف كيفَ أفتحهُ وأمسكهُ وأطردَ الشيطان ، كَم أنت عظيمٌ لتعلمَ طفلةً فِي صَفها الأول كيفَ تتلو سورةَ البقرةِ وبإتقان وَتعودَ الحياةُ لتذكرني بمقدارِ عظمتك  يومَ طلبتَ مني أن أقومَ بالأمرِ ذاتِهِ مع "ابراهيم وَزينب" لأستمرَ فِي الوضعِ يومين وأطالبَ وبقوة "اعفائاً" فوراً من مهمةٍ كهذه فأن تُعلمَ طِفلاً كَيف يتلو صفحةً من القرءان أو حتى صفحةً من كتاب هي ذلكَ النوع من المهامِ الجبارة ،أنـــت الذي زرعت فينا ومازلت حُبَ العلمِ والكتب وَمازِلنا لليوم بِضميرِ الجمعِ "نحن" لم نَثمر كما ترغب لأن ما ترغبُ بهِ دوماً لا سَقفَ كِفايةٍ له و لأنك تمتلكُ ذلكَ النوع من المقايس التي لم ألحظها عند غيرك ، الكتبُ التي ملئتَ بها رُفوفَ مكتبتنا حتى ضاقت بها تشهدُ لكَ ،وكُلُ مؤسسةٍ تعليميةٍ فِي وطني تشهدُ لكَ أنتَ الذي ما تفتؤ تأتينا كل يومٍ من الجامعةِ  محملاً بحكاياها حتى سكنا ذلكَ المنى روحياً قبل أن نطأه!!
  رَبيبتُ يديكَ "أنــــا" لا عَدمني اللهُ ظلكَ أبداً  ،
 بقدرِ ما علمتني هذه الكلمة "شكراً" أقولها
وبقدرِ ما هِي "ضَئيلةٌ " فِي حقك سأعتكف لأتعلم غَيرها!
أمُي أبــــي ، سَـــــــــــــــــامِحانِي وَ"فَقط"!!

أشقائِي ، لِفاطِمة الجميلة أنتِ عصفورةُ قَلبي الذي لن أطلق سَراحها منِي ما حيت فَسامحيني عَلى هذا تلكَ التي يأنفُ القلبُ أن ينبض قبلَ أن يشعُرَ بمساحَتِكِ حوله! كوني بقربِي حتى اتنفسَ جيداً  أنتِ التي لا تَشبهينَ سِواكِ سِوى " فاطِمة " ، ألهميني بِكِ دوماً يا اختي ، ويحيى وعائشة والبقية أتمنى لكم حياةً تليقُ بِكم ، ومستقبلاً لا يخبوا جمالهُ ولا ينضب !
وَجدتِي التي علمتني درساً أشعرني بضآلتي إلى اللحظة ، جَدتِي التي علمتني أن معادلاتِ الحياةِ أشدُ بلاغةً فلا يَتطلبُ الأمرُ يقيناً أن أعرفَ الحالةَ الفيزيائية لهذهِ حـــتى أتمكنَ من حلها :

N
2(g)  + 3H2(g)           =            2 NH3(g)
ما كُلُ الأمورِ يتوقفُ الإبداعُ فِيها إن جهلتُها ،جدتي التي تحفظُ القرءان عَن ظهرِ قلب وَهي لا تَعرفُ كيفَ تقرأُ أو حَتــــى تَكتب فأضل مشدوهة لها دوما وهِي تحكي لِي كيفَ أنها لا تفقهُ سِوى رسم المصحف !
أما هذهِ يا جَدتي فَــــتُبكيني !!
وَجدي :ذلكَ الإنسانُ الذي نَذرَ نفسهُ لكلِ سفرٍ تسافرُ لـــهُ الروح ،هُوَ الذي لا ألتفتُ إليهِ إلا وأرى لِساناً ذاكراً تمضغُ الذكرَ بصمت  ، يُعجبنِي هذا المشهد بقدرِ ما يُدميني !!
عَلمني كَيفَ أدمنُ الذكرَ مثلكَ وأحفظُ الدقيقةَ والثانية من وقتي عَلمني يا جَدي !!
تَحضرني يا جَدايَ عِبارةٌ لِـــعلوان نَشرتها  يوماً فِي صَفحتي
"أكثرُ الأماكِن دفئاً أحياناً وُجوهُ المُسنين إنها تُريدُ أن تخبرنا نَحنُ الذينَ مازِلنا نَتسكعُ أولَ الطريق عَن الكثير من خبايا الحياة ولكنّ صمتَ هذهِ الوجوه يتركُ لنا تنوعاً ثرياً للاعتبار "
لجميعِ الأهلِ ولمن تربطني بهِ لواشجُ الدم ، قبلةُ عَلى قُلوبكم وشُكراً لكلِ شيءٍ استقيتهُ منكم
البوح (ج) :
لِصديقِ طُفولتي الجميل "ابراهِيم" لا تروقني كلمةُ خالي قبل اسمك أنا أكبرُكَ بشهرين *_*
لن أقولَ لكَ كيفَ هنا عَليكَ فآآآثرت الإبتعاثَ إلى الخارج ،ولن أُكفركَ فِي قرارٍ آمنتَ بِهِ بـــ"كُلك" فما أنتَ بمؤمنٍ لنا ولو كُنا صادِقين، أنـــا فقط أصلي لأجلك، ما زِلتُ أذكرُ قولكَ لي الأسبوعَ الذي انصرم " دَاقة فراسِي أسوي بعثة !!" لتكن كذلكَ إذاً حَتى تُنهِي دراستَكَ الجامعية بأكملها آزركَ ربي ما حَيت ، ثُمَ إن التجارةَ تَروقكَ دوماً يا صَديقي ، أتذكُرُ يومَ بعت لِي " كَرتونَ المفرقعات " "وَعصى الطماشِ السحري " بِنصفِ الثمن لأن لِي حبوةً عندك ، وَيومَ بادَلتني بهديةِ الصفِ الأولى لأنني أُحبذُ المكعباتِ عَلى السيارة رغم أن هديتكَ أفضل بحكمِ أن علاماتِكَ كانت أنيقةً أكثرَ مِني ، أتذكرُ نَخلةَ منزلكم التي تَحفظنا يقيناً من كثرِ ما اثرنا الشغب تحتها وأرجوحةَ "المالِ" وَشجرةَ الرمان التي احترقت ، وَحماماتك التي أعرتني واحِدةَ منها فماتت وأقمنا عليها العزاء ، أنا لا أخشى أن تنسى كُلَ هذا يا "ابراهيم" أنت حتما أكبرُ مِنَ نِسيانٍ كهذا ، كُل لحظَةٍ وأنت تَرفلُ بالهناءِ والسعادة وَتاجِرٌ صَدوقٌ كرسولي إن شاء الله !

لِصَديقتي "خَديجة" اتذكرينَ احساسكِ الذي لن يخيب ،سأُحققهُ ، وأنا أعني ما أقول ، أنا التي كنتُ قبلَ أيامٍ أتقلبُ فِي وَعثاءِ التسجيل ،أتذكرين  
   وَ"ما نروم عنش " وَ"ما من فوادِي أقلش سَجلي " ، والكثيرَ الكثير مما لا يُنسى  watsupمحادثَةُ "الـــ
يا فتاة مضى وشاءَ الله أن نكونَ فِي الصرحِ ذاته ،وفقكِ ربي !
لِمارية أيتها الوفيةُ أبداً أتمنى أن تَكونَ الـــ"هندسة" خَياراً ناجحاً لكِ يا صَديقتي صَلواتي ودعواتي لكِ أينما كنتِ
وَ"مريم" بقدرِ روحكِ الطيبة وحضوركِ الندي لا عَدمنا اللهُ إياه ،أرجو لكِ قصةَ كفاحٍ صَدقيني لن أتخلى فيها عنكِ ،أشاطركِ الكفاح و"الكرف" و"الدح" ما شِئتِ !
شَذى ، أميمة : أنتما بالقلبِ حَتى لو أبعدتنا الأمكنة!
هالة وشيم  : الهندسة والتجارة تروقكما !
عَبير علا سارة ومروة ، وإنهُ ليحزنني فِراقكن و اتمنى أن لا يجخفكن العالمُ خارِجاً حقكن يا جَميلات
لزَهراء :بحقِ كُلِ ذكرياتِ الطفولة ،أتمنى أن تصلني الجامعةُ بكِ يا فتاة
لجميع الصديقات ، هُنا وَهُناك قلتها سابقاً وأُعيدها أنا لن ألفظكن خارجَ قلبي كما ألفظُ آخر حُلمٍ بقلبي  
وَتبقى الأرقامُ والرموزُ فِي الذاكرة كجسرٍ يصلني بكلِ من عَلمني أبسطَ شيء فِي هذهِ الحياة
"رَبي أوزعني أن أشكر نعمتك التي أنعمت علي وعلى والدي وأن أعمل صالحاً ترضاه "   

السبت، 28 يوليو 2012

المنسِيونَ ..وَلقمةُ القاضي

-

قصةٌ قَصيرة :

يغص بِي هذا المشهدُ التيجرادِي ككلِ رَمضان ، ويَصِلني أنينهم يخدشُ أسماعِي  ،لا أحد يذودُ عنا طعم الحِرمان ،ونحن نغلِي فِي طنجرة الفقدْ ،دونما تَبخرٍ يُريحنا ونتوسدُه للأبد  ونزّدرِدُ العيشَ بِملإِ ارادَتِنا لَأننا لم نَكن يَوماً فِي قَوامِيس "العيش" سِوى أجسادٍ حُبلى بــــالأَوجاع ويأتِينا الموت حَتى فِي لُعبِ الصغار وّنُــّــــنسَـــى ..

 يَجرِي فِيَّ دمٌ فِلسطِنيٌ مِنَ النُخاعِ إلى النُخاع ، لِي خَمسةٌ مِن الأطفالِ بَراعِمُ تزهُرُ فِي قلبِي كلما جَفَ ماؤهُ وَأجدنِي أقلبُ كَفيّ عَلى ما أنفقت فِي هذهِ الحياةِ من آمال ،فِي كلِ يومِ قبل أن يحينَ موعدُ الإفطارِ لينسوا جُوعهم وما ينسى أطفالِي الجوع لأن نَوباتِهِ تزورُهم طِيلةُ أيامِ العام ، أحشُوا رُؤوسَهم الصغيرة "حَكَايــــا"عَـــن أُمةٍ  تدعَى العَرب كَـــانت تَعيشُ من المُحيطِ إلى الخليج ،عَــن يَحيى عَياش وأحمد ياسين ومحمد الدُرة ،عن لذةِ السجودِ فِي ساحة الأقصى ،وّحكايا يافا وَعكا والناصِرية وبيت لحم والضِفة الغربية ،بل وحتى عّن عذرِ اليهود فِي حفرِ الأقصى زعماٌ منهم بِوجودِ هيكلِ سُليمان  وعن أنبِيائِهم فِي بغداد "ناحوم ويونس وحزقيل "وغيرهم ، وأختم كل ذلك بوصفِي لقمةً القاضِي لهم يومَ كانت والدَتِي تتجشم عناءَ الذهابِ إلى ميناءِ رفح  الذي لا يبعدُ الكثير عن منزلنا لِتحضر لنا دقيقاٌ وّلا عجبَ أن تغيبَ أمي أسبوعاُ لِتعود إِلينا حاملةُ في كَفٍ بُطولاتها مع الجنود وَكيف ضّربت هذا وسَفكت دم هذا أكثر مما تّحملهُ فِي كفها الأُخرى مِنْ دقيق ،وتصنعُ لنا "لقمةً القاضي" ويكونُ نَصيبُ كلٍ منا حبةُ واحدة والباقِي توزعهُ عَلى أطفالِ الحي فلا يبيتُ طفل إلا وفِي فمهِ دعوة خيرة لها ،لم نكن نتطمعُ فِي أكثر من حبة كانت تَكفينا لِنفرح حتى ينتهي اليوم  ،لَم أتلو عَلى أطفالِي يوماً حروفَ الكره ولم أعلمهم كَيفَ يرسموها عَلى دفاتِرهم الصفراء ، أخبرتهم أننا "نحن" من فِي الأرض نبني لِأنفسنا الأجمل فِي "السماء" ،حتى وإن شارَكونا فِي كل شيء في الماءِ والهواءِ وشاطرونَ الحلم ؛هم يَحلمونَ بِوطن ونحن كذلك ،وتُنكص العُهودُ بيننا وَبينهم لِأجلِ هذا الحلم، والفرق يٌؤجلُ الله احلامنا ولا يَنساها ويُمتِعهُم بِتحقيق أحلامهِم حَتى حِين! ،أخبرتهم أن رمضان شيءٌ لن يجرؤا عَلى مشاركتنا اياه ،هُوّ لنا لـــــنا وَّحدُنا !

وَعلى السفرة التي فِيها لبنٌ بائتٌ منذ البارِحة  وتمرٌ فقد طعمهُ، وكسرةٌ يابسة ،ذكرتني بأمي يومَ خبزت لنا ذاتَ يومِ خبزاً فِي تنورِ القرية ،وعادت تحملهُ بكلتا كفيها فتعرضَ لها جُندي كالعادة ،أسقطها عَلى قفاها فاحتضن الخبزُ ترابَ أرضي وسقطَ عصاها تحتَ قدميه التقطتهُ بِسرعة قبلَ أن تأكل دابةٌ الأرضِ منسأتها ،كانت تؤمنُ أبداً أن أقدامَ الصهاينة بيئةٌ مناسبةٌ لِتكاثرِ الدواب ،وكلما رأت دابةُ تتبختر من دوابِ الأرض قالت :"قدمُ جنديٍ آثمةٍ مرت من هنا"

أين أنتِ يا أمي عّسى رَمضانُكِ فِي الجنانِ على قدر أحلامكِ!

أناديهم بِخمستهم :فِراس ،فارس ،أسامة ،عَلياء ،خنساء ثلاثونَ دقيقة ويؤذنُ المؤذن أينَ أنتم ؟

 كانّ مِنَ السذاجة أن أسالهم وأنا أعرفُ يقيناً أين هم ،إنني لأعجب من نفسي رُغم يقيني بان رائحة ذلكَ المشهد لن يخلقَ سِوى ضيق فِي نفَسي و قلبي إلا أنني وَجدتُنِي مُحتاجاً لأتنفسهُ ،كانت مُجازَفةُ مني أن أذهب وبدون بَخاخِ التنفسِ لم يَكن اهمالاً مِني صدِقوني بل لأني وَبِكلِ بَساطة لا أملكُ واحداّ ولو كنتُ أملك فكانَ أمراً طبيعياً أن أملك لــــِأطفالِي ما بللوا أَنفُسهم بانتظارِه  !

أُصلِحُ قيافَتي ،وّأحملُ دَراهِمَ معدودة فِي جَيبي وأجثو حيثٌ يقعدونَ القرفصاءَ كدأبِهم عصرَ كُلِ رَمضان، عَلى بَابِ منزلي الذي أكل الدهرُ منهُ وشرب حتى انقطع صوت ازيزهِ مطلقاً آخر صيحةٍ تشي بموتِهِ البارحة  ،أعطى من عمرهِ لِساكنيهِ إلى ما شاءَ الله ،ومع ضجيج الأزقةِ وصخب المكان يَظلُ صوتُ أملٍ لا يخبوا من أعينهم ،يتَفرسونَ فِي وجوهِ المارة بشطط وَيتلون سُورةً لا يَسمعها غيرهم وأكادُ أجزم أنها سورة "الماعون" ،أجدنِي أنا السببُ فِي كثير من تصرفاتهم فكلما ازدادّ حنقهم وتطاير غضبهم من شَضفِ العيش ،أتلو لهم سُورة الماعون فيهرعون إلى الباب أًخبرهم أنه لا بُد من يقرأٌ هذه السورة ويعطِي الماعون، يتجَرعونَ الدقائق ويلوكنها بصمت، ثلاثون دقيقة حملوها كُلَ أمالهم فِي أن يحضرَ لهم أحد صحنٌ بِهِ "لقمةٌ القاضِي " بِعددهم هم لا يَطمعونَ بأكثر من ذلك !  

تَنتِبهُ لِي الخنساء

"أَبي "؟؟؟

وأفهم من لَحنِ صوتها أنها ستسألني ما لا أقوى عَلى اجابتها بِهِ

أخبرتني ذاتَ يوم أن فِي العالم.بليار ونصف البليار من المسلمين ، وجارُنا أخبرني أن كُل مسلمِ يقرأً القرآن ، حباً فِي الله أبِي ألا يَقرأونَ الماعون ؟!!

يلتفتُ إليها فارِس : وَما أدراكِ أنهم لا يقرأون

يَحتقنُ وجهها : لو كَانوا يفعَلون لَما فَكرت أن تنفقَ وقتك انتظاراٌ لِشيء كانَ سيئتيكَ قبل أن يرتدَ إليكَ طرفك لو كانوا يَقرأون الماعونَ كما نفعل !!!

يُشيح فراس بِوجهه لِكي لا نبصرَ دموعه ، آآآه يا طفلي أنت دوماً تنتحبُ بصمت

اتركهم يَنتَظِرون ولو كنتُ معهم مِن المنتظرين لكم بِطريقتي الخاصة! لأن الإنتظار هو الحيلة الأقوى لِحالنا المرة

أسحب قدمي إلى الداخل سامحاٌ للتفاصيل بأن تنداح وتغتالني ، أجلس أمام تلكَ السفرة امضغ وحدتِي  سَيعودونَ حالما يؤذنُ المؤذن وفِي كفِ كل واحدٍ حلم جريح يُعالج جناحهُ ليعاود الطيرانَ غداً

ودقيقة تمشي وأختها دواليك ويؤذِنُ المؤذن يَشُق الأرجاءَ كالصارِم ،هذا الصوت الذي لن تُفلح دباباتهم ومُدراعتهم وطائراتهم فِي اغتياله ولو كانَ بعضهم لِبعضٍ ظَهيرا

 وَقبل أن أُ عَلِق بَصري على الباب ،يتقاطَرونَ إلى الداخلَ الواحِدَ تِلو الآخر

وَزهراتِي الصغيرة ليست سَعيدة كما يفرحُ الصائِمونَ بالأذان ،وألوانُ حَياتي مكلومون وَمجروحونَ وأنا لا أقوى عَلى علاجهم ،

يقططعُ ابني فِارس التقويم قبل أن ينتهي اليوم ، اليوم لديه ليسَ أكثرَ من لُقمةِ قاضِ يأكُلها وباستمتاع  ،يدخلُ اسامة وبابتسامةٍ مُتخشبة وكأنما ليضيع الصمت :

لقد أذن تقبلَ الله منا ومِنكم

والخنساء بكدمةٍ حمراء فِي عينيها :

ذَهب الذينَ يعطونَ الماعون يا أبتِ رَحلوا كما رَحلت جَدتِي وغصت "أٌمِي" فِي بلعومها ،تُسافِر الأحلام يا ابنتي للذاكرة لكنها لا تندرس تُفطِرين على حلم أنيق يا صَغيرتي

عَلياء الصغيرة كانت آخر من دَخل تجلسُ بِجانبي تعلقُ عينيها عَلي :

"أأبي"

وأصمت !!

سأتذوقُ يوماً لقمةَ القاضي أليسَ كذلك ؟

وأصمت !!

وتلحُ علي بِعينيها الصغيرتين وأرحمها وأجيب

بالطبع ، فِي الجنةِ أجمل لقمةِ قاضٍ لكِ فِي الجنةِ لن تَكونِي من المنسين

ابتهجوا يا زَهراتِي الصغيرة ابتسموا لكي لا يَسرقوا منكم صِباكم

حباً فِي الله لأجل القدس ابتهجوا ،لأجل كل المنسين هُنا وَهناك  ، لأجل أن تأتيكم لقمةٌ القاضِي يوماً وصَدقونِي سأيتي ذلكَ اليوم !!!

تمت



قل سَلامٌ عليكم كَتبَ ربُكم عَلى نفسهِ الرحمة 

كيفَ هو رَمضانُكم أيها الطيبون فِي غزة والقدس والعراق وأفغانِستان وَيُغسلافيا  رَضيَ اللهُ عنكم وعنا ،لا بَأس احتَفِظوا بالسؤالِ والجوابِ معاً فأنى لا طاقة لِي بالتحمل !!

” whatsap”ـ البارحة نَشرتُ هذهِ السطورَ فِي الــــ

لم أكن أرغب فِي كلمةٍ تنتقدُ أو حتى تمتدحُ ما كتبت بقدر ما أردت فِعلا يخلصنا من نسيانكم أيها الأحبة

يستوقفني هذا الحَدِيثٌ فِي كلِ مرة "اتقوا النارَ ولو بِشقِ تمرة " وأطرحُ عَلى نَفسِي التساؤل ذاتهُ أينَ مِنا "إنما نطعمكم لوجهِ الله " ؟ وألتفتُ على من حولِي هل ترغبونَ فِي أن يقيكم الله يوماً عبوساً قمطَريرا؟؟ فيجِيبونني بِملأ الفاه "أجل"،واليوم لا أدرِي ما الذِي حَملني عَلى فتحِ ثلاجةِ منزلنا وعدِ كم تمرةً فِيها !،أنهكنِي العد وتنازلتُ سَريعاً عن هذه الرغبة ، وهذا الحديث يقفزُ كلما سمعت أحدهم يسأل "لِماذا لا نُشاهِد فِي مجتمعاتِنا تلكَ الجمعِياتِ الخيرِيةِ التي تتكفلُ بالصدقات؟"ومنذٌ ارهاصاتِنا الأولى ونحنُ ما نفتؤُ نسمعُ هذا السؤال يتكرر ؛أحقاً الأمرُ يحتاجُ إلى جهةٍ رسميةٍ تتبناه ؟ حُباً فِي الله ألا ترونَ أن الأمر أشبهُ بالمبادِيء التي نسقى إياها منذ الطٌفُولةِ الندية ! ، ورغم ذلك لا أجدنِي سُقيتُ اياها بالطَريقةِ التي أحب ،بالرغمِ من أني أعيشُ فِ منطقةٍ جُغرافية تهتم بهذا الأمر ، أبصرهم يخرجونَ زكاةَ المالِ والذهبِ والأضحيةِ والفطرِ وغَيرها ،لكِنني أحبُ أن أقف على هذا الحرفِ ،منذٌ الصِبا وأنا أشهدُ 29 من رمضان وأصنفهُ صمن الأيامِ الأشدِ روعةٍ فِي حياتي ويتكرر مشهدُ توزيع الصدقاتِ فيه وتتكرر الفكرة وبالرغم من كلِ شيء لم أكن أشارِكُ ولو بِقيد أنملة ،كانت طَقسا يستفردُ بهِ الكبارُ مذ كنتُ طفلة ،وكبرت صَدقوني أنا الأن بعمرهم ولكن ما زالَ من يتبني الأمر هم ذاتهم وأذكر مما أذكر من أرتال الذكريات أن عمتي اصطحبتني يوما فِي أول أيام عيد الأضحى لمنزلٍ يسكنهُ "الفقر" كنتُ ألح عليها أن أمسكَ كيسَ اللحمِ بيدي ولأنهُ ثقيلٌ علي على حد قولها انتزع مني ، كنتُ شاكرةً لها لأنها اصطحبتني ولو كانَ ذلكَ عارِضا لا مستقصدا أن تلعمني معنى أن أبسطَ يدي لغيري ،شاكرةً لها وان لم تقسم لي من ذلك الكيس بما تتحملهُ طفلة ،لأستشعر معنى أن أمسكَ بيدي شيئاً يثلجُ صدر غيري ، منذ الصبا ونحن نؤمنُ يقيناً أن هذا الطقس خُلق للكبار وليس لنا منه نصيب ،ابتعتُ يوماً لِخوتي حافِظةً نقود "حصالة " وَقرأتُ عليهم أن ما يوضع عليها للفئةِ التي تحتاجهُ، استفقت مؤخراً على أن ما فعلتهُ لم يثمر لأن حماسهم للفكرة انطفأَ أخيراً وأدركتُ ذلك فماذا يفهم طفل ولو اسبغتُ له وصفاً ماذا تعني الفاقة والحاجة ، هنا تذكرتُ عقابا عاقبت بهِ أمي اخوتي لأنهم لا يكملونَ صحنَ أكلهم اطلاقا،أجلستهم أمام شاشةِ التلفازِ قسراً أرتهم مناظر لأطفال جوعى ومَرضى ومن يومها لم يجرؤا على اعادةِ فعلتهم لأن ذلكَ المشهد لم يندمل فِي ذكراهم لليوم فما أجمل لو اصطحبنا إلى دورِ الفاقةِ والأيتامِ والرعايةِ الإجتماعية بدل الحديقةِ كل شهر لِيكبر فينا شعور الإحساسِ بالغير كلما كبرنا ولا يَغفوا ،حينها أصدقكم القول لن تسمع من يُطالب المجتمع بمؤسسةٍ خيريةٍ تؤتي أكلها كل حين ، وأن لا نَظل نحنُ صغاراً فِي من يكبرنا وما زلنا نتهجأحروفَ الحياة فكل صغير سيكب لا محال ربِ اجعلنا ممن بَسطَ كفيهِ وأطفأ غضبكَ ولو بِشقِ تمرة .
اصيلة الكندي