الأحد، 5 مايو 2013

قصة قصيرة: حبل غَسيل


مضى على كتابة هذا النص شهر ونيف ؛ أردته أن يأخذ وقته في التطور ولكني مازلت تلك التي لا تعيد قراءة ما كتبت ولا تعدل فيه إلا النزر اليسير ، أتمنى فقط أن أتخلص من هذه العادة ()

هنا قصة قصيرة بعنوان
:حبل غسيل
فقط لا تحسنوا الظن في حبل الغسيل هذا فليس ككل الحبال !




حبل غسيل

تختنقُ بالهواءِ فِي رئتيها ، تدفعهُ بِكلها ،ولا تدري إن دفعت ضفيرتيها ثمناً لذلك ، تنظرُ لقدميها وهِي الفارعة الطول لِم انكمشتا والآن! ، تَكاد تسبق "الأف 16 " التي تُقلع عن الرمل الآن ،تبحثُ عن سمعها ،يتحشرج صوتها ،يُهدهدها: "على الأقل مازِلتِ تبصرين رُكاماً"

أين سمعت "عَلى الأقل " هذه آخر مرة ؟ هِي التي لا تحتفظ بكلمة كهذه فِي قاموسها

يلوح لهُ بكلتا يديه أن سلامٌ عليك! وهو المغضوب عليهِ قبل قليل المطرود من عملهِ بلا رجعه يقول :"على الأقل لم يقلل احترامي

"طُردت !مرة أخرى"  
                                                                                                                                                                            يَتلوى ألماً ؛يلعنُ اليوم الذي خرج فيه من مدرسةِ النازحين ؛و جهله ،غَضبه ؛وأربعة أعناقٍ فِي عُنقه ؛ويتوقفُ عندَ فَقرِهْ!؛يقول :"على الأقل أن أعيش مُعدما يعني أن أعيش "حُراً" من كُلِ شيء حَتى "مِني"!

يعتصرُ قلبها ؛تبتلع شَهقاتها "عَلى الأقل كُن حياً يا عَدنان"!                                                                                                          تَهزهم بعنف الواحد تلوَ الآخر ؛تَبحث عن ثرثرتهم ؛أصواتهم؛ضحكاتهم؛وبُكائهم؛تأتي بالصورة من بينِ الرُكامِ لزياد ؛ترفع إصبعه

_هذا أنت يا زِياد كانت أمي تَخشى عليكَ الأحلامَ لا غير ،قَم لتراك!

-أمي هذا أنا أليسَ كذلك ؟

-قلت لكَ ألف مرة لَستَ أنت ،لستَ أنت ؛لم يَخلقكَ الله بعدُ يومها

-يقول مُعلمي أن من يظهرون فِي الصور لابدَ وأن يكونوا عُظماء

-أستاذُك حالم ليسَ صحيحا                                                                                                                                              وكالعادة ما إن يتعب من أمه يأتيها كَسيرا:سَناء لم لا يمكنني أن أكون فِي الصورة؟ لم يُعذبنا الله بهم ونحن الأخيار ؟ قُلت لي ذات مرة أن الله يُصلي علينا كثيرا لأننا مُريدوه ، وأنا أيمم وجهِي شطرهُ هو وحسب ! فلِمَ يفعلُ بنا كُل هذا ؟

تنتبهُ إلى دمهِ يطمسُ معالم الصورة ،تخافُ مِنَ الدمِ في الصورة تُبعدها وَتَطوق يدَ أخيها

"لأنهُ يُحبنا يا أخي ؛ يُحينا كثيراً"

تُمسك بقطعةِ قماشٍ جافة ؛ولوهلة تصرخ "الغسيلُ اليومَ جافٌ يا أمي جاف!"

وتعود صورة الموتِ إليها فِي قطعةِ القماشِ ذاتها التي ظللت مَعالم الصورة قبل قليل

-ماتَ "عدنان" غيرَ آسف لشيء وشاكراً "فَقرهْ‍!"

رحل "زِياد" ولا حلمَ له سوى أن يَكونَ فِي صورة لجده صغيرا يجرُ قدميه خلف النازِحين تَعودُ لِأيامِ النكبة ؛ وأن يفهم ...رَبه!

وأمي التي تخشى الأحلام ،رحلت قبل أن ترى أكبر أحلامها ؛مَلابسنا تجف على حبل غسيل

-سيجف الغسيل اليوم إن شاء الله قلبي يخبرني بذلك

ولا تكادُ تنهي ما قالت:

-اختبئوا تحت المناضد ، انزلوا للقبوا ، أسرعوا ، الغسيل يا الله! سيدلهم !ّ

-سناء أسرعي يا ابنتي أزيليه من الحبل ،اخرجي من الخلف اصعدي من الغرفة الخارجية هو أسرع لكِ

ولا تَكادُ تتلقف كلامَ أمها ؛ تُدافع الهواء ؛ تلتفت للمنزل
-لا أسرع من طائراتِ العدو يا أمي .
 تمت
 

هناك تعليقان (2):